حظيت مدينة القدس - وما تزال - بمكانة عظيمة في التاريخ الإنساني، لم تضاهيها في ذلك أية مدينة عبر التاريخ وعلى مر العصور، لقد تميزت هذه المدينة بخصوصية اكتسبتها من انفرادها بالبعد الروحي المرتبط بالزمان والمكان فهي في الزمان ضاربة جذورها منذ الأزل بوجهها الكنعاني الحضاري ، وتمتعت بكلاً من الموقع والموضع ، فكانت ملتقى الاتصال والتواصل بين قارات العالم القديم، تعاقبت عليها الحضارات و أمتها المجموعات البشرية المختلفة، مخلفةً وراءها آثارها ومخطوطاتها الأثرية التي جسدت الملاحم والحضارة والتاريخ دلالة على عظم وقدسية المكان
ولابد أن يكون لمثل هذه الظاهرة الحضارية الفذة أسباب ومبررات هي سر خلودها واستمرارها آلاف السنين ،رغم كل ما حل بها من نكبات وحروب أدت إلى هدم المدينة وإعادة بناءها ثماني عشر مرة عبر التاريخ ، وفي كل مرة كانت تخرج أعظم وأصلب من سابقتها وأكثر رسوخا، دليلا على إصرار المدينة المقدسة على البقاء ، فمنذ أن قامت ( القدس الأولى ) الكنعانية قبل نحو 6000 سنة وهي محط أنظار البشرية منذ نشأت الحضارات الأولى في (فلسطين ووادي النيل والرافدين ) مرورا بالحضارة العربية الإسلامية حتى يومنا هذا
القدس ما قبل التاريخ
يقدر علماء الآثار أن تاريخ مدينة القدس يرجع إلى حوالي ستة آلاف سنة كما أكدت ذلك تلك الحفريات التي قامت عليها المدرستين الفرنسية والبريطانية برئاسة الأب "ديفو" وبانضمام "رويال انتوريا " برئاسة الدكتور " توستينج هام " ومشاركة جامعة "تورنتو " في كندا عام 1962 م، حيث اعتبرت هذه البعثة أن ما تم التوصل إليه خلال موسم الحفريات من نتائج عن تاريخ مدينة القدس لا تعدو كونها معلومات تعيد صياغة تاريخ القدس، وزيف بطلان النتائج المشوهة التي نشرت في السابق بالاعتماد على ما ورد في التوراة والتي تنادي بقدس ثلاثة آلاف عام