كشف مقربون من القصر الرئاسي الفرنسي, أمس, النقاب عن التحولات السورية الكبيرة تجاه لبنان, مؤكدين أن دعوة الرئيس نيكولا ساركوزي نظيره السوري بشار الأسد إلى باريس, ما كانت لتحصل لولا "التصورات" التي طرحها السوريون حيال إخراج لبنان من مأساته, حيث أعطت الزيارات والمفاوضات في باريس ودمشق, انطباعا للحكومة الفرنسية أن الأسد مستعد لإعطاء وعد قاطع بتبادل دبلوماسي قريب جدا بين لبنان وسورية, إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية, والإفراج عن الوثائق التي تثبت لبنانية مزارع شبعا, فضلا عن المساهمة في منع عودة عمليات اغتيال قادة قوى "14 آذار" في بيروت وفتح قنوات اتصال جدية معها, وتخفيف وجود عناصر التطرف الفلسطيني في لبنان, وصولا إلى تقنين إرسال السلاح الإيراني إلى "حزب الله".
ونقلت صحيفة السياسية الكويتية عن دبلوماسي خليجي في لندن قوله " أن ساركوزي ما كان ليقدم بهذه السرعة الماراثونية على فتح أبواب قصر الاليزيه مجددا أمام الأسد, بسبب دوره المتواضع جدا في تسهيل صدور مقررات اتفاق الدوحة لحل الأزمة اللبنانية, بل يؤكد المحيطون به أن فتح تلك الأبواب جاء بعد أن تلقى من نظيره السوري إشارات "واضحة ومحددة ومفصلة" حول استعداده لتغيير نمط مساره بشكل حاسم.
ولفت إلى أن ساركوزي "لم يركب رأسه" كما يعتقد البعض في تقاربه مع دمشق, الا بعد لقائه الرئيس الأميركي جورج بوش في باريس منتصف الشهر الماضي, حيث أطلعه على استعدادات الأسد لعملية "التحول الكبرى", ضامنا له هذه المرة "صدقية" الرئيس السوري و"جديته التي لا تراجع عنها" في إعادة كل حساباته الخاسرة بابتعاده عن موقعه الطبيعي إلى جانب المجتمعين العربي والدولي.
ونقل الديبلوماسي الخليجي عن مقربين من القصر الرئاسي الفرنسي قولهم انه "ما أن حصل ساركوزي من بوش على الضوء الأخضر, حتى أرسل موفديه إلى دمشق حاملين تصورات فرنسا لطبيعة التحولات السورية المطلوبة فورا, كي تنجح في الامتحان الأميركي الجديد, إلا أن ساركوزي وموفديه فوجئوا بلائحة طويلة عريضة من التنازلات السورية لم يكونوا يتوقعونها إطلاقا, وكانت مقرونة بثلاث خطوات شديدة الايجابية هي, تقديم تنازلات هائلة إلى الوسيط التركي لإنجاح المفاوضات مع إسرائيل, وحمل "حركة حماس" الخارجة عن القانون في قطاع غزة على وقف إطلاق صواريخها على المستوطنات الإسرائيلية وقبولها غير المشروط بهدنة الأشهر الستة, ثم لجم حلفاء سورية في لبنان الذين يتلقون أوامرهم منها بعيدا عن "حزب الله" بمن فيهم حليفها الأقوى الشيعي نبيه بري, تسهيلا لحلحلة بعض العقد المستعصية.
وكشف المقربون من "الاليزيه" أن "المفاجأة الأكبر" الموجهة لإرضاء الأميركيين, هي وقف تسلل إرهابيين من سورية إلى العراق فورا, و"المفاجأة الوجيهة" التالية هي ضبط المنظمات الفلسطينية والحركات المتطرفة وخصوصا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" التي تقيم قياداتها في دمشق, و"تجميد نشاطاتها ضد إسرائيل فترة من الزمن (6 أشهر كبداية) قد تمتد إلى ما لا نهاية, إذا قوبل الأسد من واشنطن وباريس بما يستحق من جميل على عمله هذا".
وقال معاونو ساركوزي "أن الزيارات والمفاوضات في باريس, وبواسطة السفارة الفرنسية في دمشق, وبعض أصدقاء الطرفين من الخليجيين ورجال الأعمال العرب, أعطت كلها انطباعا لدى الحكومة الفرنسية أن الأسد مستعد, على مراحل قصيرة, للإقدام على الخطوات التالية حيال الموضوع اللبناني:
1 - وعد قاطع بتبادل دبلوماسي قريب جدا بين لبنان وسورية قد يعلن عنه في قمة ثلاثية تضم ساركوزي والأسد وميشال سليمان إذا حضر إلى باريس في 13 يوليو الحالي.
2- إطلاق من تبقى من معتقلين في سجون سورية وهو أمر ملح بالنسبة للحكومة الفرنسية.
3 - مع تقدم المفاوضات الإسرائيلية - السورية بعد تحولها قريبا إلى مباشرة, من المتوقع أن يفرج بشار الأسد إلى الأمم المتحدة عن الوثائق التي تثبت لبنانية مزارع شبعا.
4-- مساهمة سورية مباشرة وغير مباشرة وفاعلة في منع عودة عمليات اغتيال قادة "14 اذار" في بيروت.
5 - تخفيف وجود عناصر منظمات التصرف الفلسطيني في بعض المناطق اللبنانية خارج المخيمات وفي داخلها, تمهيدا لسحبها بالكامل.
6 - مع ظهور بوادر غربية وعربية مشجعة لإعادة الثقة إلى العلاقات مع سورية, يصار إلى تقنين إرسال السلاح الإيراني إلى "حزب الله" عبر الحدود السورية كمرحلة أولى, وهذا احد بنود التفاوض مع إسرائيل.
7 - فتح قنوات اتصال جدية مع قوى "14 آذار" لإعادة ترتيب أولويات العلاقات المقطوعة التي سيعاد وصلها بعد التبادل الدبلوماسي فورا, وإمكان عقد اجتماعات بين بعض قادة لبنان المعارضين لدمشق وقادة سوريين تعيد إليهم الثقة بأن سورية لن تعمل بعد الآن على هز الأمن القومي الداخلي بهدف إطاحتهم من السلطة.
8- تتويج كل هذه الخطوات السورية بقبول الأسد دعوة رسمية لزيارة لبنان ولقاء قادته بدءاً من الرئيس سليمان ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة, وانتهاء بقادة الأحزاب الذين تصنفهم القيادة السورية في خانة "الد الأعداء".